السيدة زينب هي ابنة الإمام علي بن أبي طالب، و والدتها فاطمة الزهراء و أخواها الحسن و الحسين و جدها محمد صلي الله عليه و سلم
جاءت عقيلة بني هاشم إلي مصر عام 61 هج بعد مقتل أخيها الحسين في موقعة كربلاء، و مكثت بها عام واحد، ثم وافتها المنية و دفنت بمصر علي أرجح الأقوال.
ولدت السيدة زينب سنة6 هج ، و يكبرها الحسن و الحسين ، و يصغرها أختها أم كلثوم . اسماها رسول الله باسم ابنته الكبري زينب التي كانت قد توفيت قبل مولدها بقليل.
تزوجت من ابن عمها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، و انجبت أربعة بنين هم : محمد و عون و عليٌ و عباس، و بنتين هما: أم كلثوم و أم عبد الله.
توفي الرسول صلي الله عليه و سلم و هي في الخامسة من عمرها، ثم لحقت به امها فاطمة بعد و فاته بستة أشهر.
عاصرت السيدة زينب حوادث كبيرة عصفت بالخلافة الراشدة بمقتل ابيها كرم الله وجهه عام 40 هج بطعنة عبد الرحمن بن ملجم من الخوارج.
و بعد وفاة الحسن بن علي، و اصرار يزيد بن معاوية علي أخذ البيعة من الحسين، خرج الحسين و أهله و منهم اخته زينب من المدينة سراً متجهين إلي الكوفة بعد أن وصلتهم رسائل أهل الكوفة تدعوهم إلي القدوم و تتعهد بنصرتهم ضد الأمويين.
شهدت زينب كربلاء عام 61 هج، و شهدت استشهاد أخيها الإمام الحسين و ابنها عون في المعركة و معه ثلاث و سبعين من عترة آل البيت و الصحابة و ابناء الصحابة. و سيقت زينب و معها سكينة و فاطمة بنتا الإمام الحسين و بقية نساء آل البيت إلي حاكم الكوفة الأموي عبيد الله بن زياد، و قد وضعوا رأس الأمام الحسين في مقدمة الركب.
دخلت السيدة زينب الكوفة في ركب السبايا و الأسيرات، و قد وقفت الجموع محتشدة تشهد هذا الركب الرهيب. فنظرت إليهم السيدة زينب و ألقت عليم قولاً ثقيلا :
” أما بعد يا أهل الكوفة، أتبكون ؟ فلا سكنت العبرة و لا هدأت الرنة! إنما مثلكم مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم، ألا ساء ما تزرون.
” أي و لله فابكوا كثيراً و اضحكوا قليلاً، فقد ذهبتم بعارها و شنارها، فلن ترحضوها بغسل ابداً. و كيف ترحضون قتل سبط خاتم النبوة و معدن الرسالة، و مدار حجتكم و منار محجتكم، و هو سيد شباب أهل الجنة؟ لقد اتيتم بها خرقاء شوهاء !
أتعجبون لو أمطرت دماً ؟ ألا ساء ما سولت لكم أنفسكم، أن سخط الله عليكم و في العذاب أنتم خالدون…
” أتدرون أي كبد فريتم، و أي دم سفكتم، و أي كريمة أبرزتم؟ ” لقد جئتم شيئاً إدا * تكاد السماوات يتفطرن منه و تنشق الأرض و تخر الجبال هداً ”
سألها الخليفة يزيد بن معاوية عن المكان الذي تختاره لإقامتها فاختارت المدينة المنورة، و لكن وجودها في المدينة أجج نيران الثورة ضد الخلافة الأموية، فأمرها والي المدينة بالرحيل عنها، فاختارت مصر لتقيم فيها.
وصلت السيدة زينب بنت علي إلي مصر في شعبان عام 61 هج، و خرج لاستقبالها جموع المسلمين و علي رأسهم والي مصر الأموي مسلمة بن مخلد الأنصاري. و أقامت السيدة زينب في بيت الوالي حتي وافتها المنية بعد عام واحد من قدومها إلي مصر يوم 14 رجب 62 هج، و دفنت في بيت الوالي، الذي تحول إلي ضريح لها.
عُرف عن السيدة زينب تحليها بالعلم و التقوي، و الشجاعة و الإقدام ، و البلاغة و قوة البرهان . حتي لقد وقفت أمام جبار البصرة عبيد الله بن عباد تسفه كلامه و تتوعده بعذاب الله غير عابئة بالموت الذي قد يأتيها في أي لحظة من قاتل أخيها و قاتل عترة بيت رسول الله صلي الله عليه و سلم، و احتضنت ابن أخيها علي زين العابدين حين أراد عبيد الله أن يضرب عنقه و قالت : ” و لله لا أفارقه، إن قتلته فاقتلني” ، فخلي عبيد الله سبيل الغلام و تركه يرحل مع النساء إلي دمشق.
كما وقفت أمام سفاح بني امية يزيد بن معاوية و هو يعبث بقضيب في يده برأس الإمام الحسين أمامه، فاسمعته كلاماً فيه من البلاغة و قوة الحجة و الشجاعة ما شق عليه و سارع بارسالها و من معها إلي المدينة المنورة.
و مما قالته ليزيد بن معاوية و حفظته كتب المؤرخين و كتاب السير ” أيزيد و الله ما فريت إلا في جلدك، و لا حرزت إلا في لحمك ! و سترد علي رسول الله صلي الله عليه و سلم و آله برغمك، و لتجدن عترته و لحمته من حوله في حظيرة القدس، و يوم يجمع الله شملهم من الشعث: ” و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يرزقون ” صدق الله العظيم
” و ستعلم أنت و من بوأك و مكنك من رقاب المؤمنين ، إذا كان الحكم ربنا و الخصم جدنا، و جوارحك شاهدة عليك: أينا شر مكاناً و أضعف جنداً.
” فلئن اتخذتنا في هذه الحياة مغنماً، لتجدننا عليك مغرماً ، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك. تستصرخ بابن مرجانة ( عبيد الله بن زياد) و يستصرخ بك ، و تتعاوي و اتباعك عند الميزان و قد وجدت أفضل زاد تزودت به قتل ذرية محمد صلي الله عليه و علي آله و سلم ”
ورثت السيدة زينب من أمها فاطمة الرقة و الحنان، و من ابيها العلم و التقوي. و كان لها مجلس علمي تقصده جماعة من النساء اللواتي يردن التفقه في الدين .
و عندما أتت إلي مصر تجمع حولها العلماء من أهل مصر ممن أرادوا الاستزادة من علمها و ورعها و تقواها حتي كثر مريدوها.
يروي عنها ابن عباس رضي الله عنهما فيقول : ” حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي” ، فغلي عليها هذا اللقب فهي عقيلة بني هاشم.
أجمعت المصادر التاريخية أن ضريح السيد زينب كان زاوية صغيرة في الضاحية الغربية للفسطاط. ثم تحول إلي مسجد ، و كثر تجديده و توسعته حتي وصل إلي سعته الحالية.
أول تأريخ لهذا الضريح يبدأ من العصر العثماني حيث بني الضريح الوالي العثماني علي باشا الوزير سنة 951 هج / 1547 م ، و جدده الأمير عبد الرحمن كتخدا عام 1174 هج / 1761 م. ثم جدده سعيد باشا عام 1275 هج / 1859 م . و لكن البناء الحالي بني في عهد الخديوي توفيق و انتهي عام 1305 هج / 1888م . أما ميدان السيدة نفيسة فقد أُنشئ عام 1898 م.
و في عام 1964 م زادت مساحة المسجد فأصبحت 7800 متر مربع بعد أن كانت 4500 متر مربع.
و في تسعينات القرن العشرين أضيفت مساحة لمصلي النساء ، و أٌنشئت مكتبة للكتب النفيسة و النادرة و ألحقت بالمسجد.
يقع مسجد و ضريح السيدة زينب في القاهرة في حي السيدة زينب، متفرع من شارع الشيخ عبد المجيد اللبان. و أقرب محطة مترو أنفاق هي: محطة السيدة زينب
0 comments:
إرسال تعليق