كانت الحرب تسير علي غير ما يرام بالنسبة للحلفاء، و بدأ زحف جيوش المحور نحو حدود مصر الغربية، و كان فاروق يؤيد دول المحور، إيطاليا و ألمانيا، و يعلن هذا التأييد في كل مكان ، و غضب بشدة من رئيس وزرائه عندما أقدم علي قطع العلاقات مع حكومة فيشي في فرنسا الموالية لدول المحور.
وجد الإنجليز أن فاروق يجب أن يرحل لأنه يصعد حالة العداء في مصر ضدهم ، و يمنع تعاون الوزارة مع الإنجليز في الحرب، و يعلن علي الملأ أنه يعد مصر لاستقبال دول المحور المنتصرة. كما أراد الإنجليز رئيس وزراء قوي له شعبية يسيطر علي الأمور في مصر التي بدأت تنذر بخطورة واضحة نتيجة تأييد الشارع لدول المحور، و هو ما لم يكن متوفراً إلا في مصطفي النحاس و حزب الوفد.
تعنت الملك في قبول طلب الإنجليز بتشكيل مصطفي النحاس للوزارة، لأنه رأي أنه يمكن أن يستفيد من الموقف لزيادة شعبيته فيظهر أمام الشعب بمظهر المناوئ للإنجليز و يظهر الوفد بمظهر موال للإنجليز.
و بالفعل في صباح يوم 4 فبراير 1942 م تم توجيه انذار للملك من المندوب السامي البريطاني سير مايلز لامبسون ” إما القبول بتشكيل النحاس للوزارة أو التنازل عن العرش”.
تأخر رد الملك، فحضر في مساء ذلك اليوم السفير البريطاني لامبسون Lampson بصحبة الجنرال ستون و بعض الضباط المسلحين إلي القصر، و أخذت المدرعات و المصفحات مكانها حول القصر و علي متنها 2250 جندياً بريطانياً.
دخل لامبسون و الجنرال ستون إلي غرفة الملك و كان معه أحمد حسنين، و بدأ الحديث بين الطرفين، و بيٌن لامبسون لفاروق أن رده علي رسالته الصباحية قد تأخر. حاول فاروق أن يدخل في جدال و لكن لامبسون أوقفه و سرد عليه جميع أفعاله المضادة للإنجليز، و انتهي إلي القول ” و كل هذا يبين بوضوح، عدم صلاحية جلالتكم أكثر من ذلك للبقاء علي العرش” و سلٌمه وثيقة التنازل عن العرش. و كان موقفاً صعباً، و صمت فاروق، و بدفعة من أحمد حسنين، طلب فرصة حتي يحقق الطلب الإنجليزيز و تحقق و تم تشكيل وزارة النحاس.
أتفق كثير من المؤرخين أن حادثة 4 فبراير تعد بداية نهاية شعبية الوفد في الشارع المصري، فلم يتصور المصريون أن الوفد و هو حزب التحرر الوطني يقبل أن يأتي للحكم يهذه الصورة المهينة، ليس فقط للملك و لكن لكل المصريين. فظهر زعماء الوفد لأول مرة بمظهر الطامعين في السلطة و لو علي حساب الوطن. كل هذا صب في رصيد الملك و ازدادت شعبيته بين المصريين.
استمرت وزارة النحاس رغم أنف فاروق حتي انتصر الحلفاء في معركة العالمين في 23 أكتوبر 1942م ، و بذلك أصبح لا يوجد داع لدي الإنجليز للتمسك بالنحاس و تركوه لمصيره مع الملك الذي ظل يتحين الفرصة لإقصاء غريمه.
ثم جاء الكتاب الأسود لمكرم عبيد يكشف فيه مفاسد حزب الوفد برئاسة مصطفي النحاس، فقضي علي ما تبقي من هيبة الحزب في نفوس المصريين. و مرة أخري ظهر الملك فاروق بمظهر الحريص علي إقصاء مفاسد الوزارة، و بدت القطيعة بين الملك و رئيس وزرائه لا رجعة فيها.
و لقد استعان الملك بمصطفي أمين ليستخدم الإعلام في تهيأة الرأي العام لإقالة وزارة النحاس، وبالفعل جاءت إقالة الملك لوزارة النحاس في 8 أكتوبر 1944م بعد يوم واحد من توقيع بروتوكول الجامعة العربية
0 comments:
إرسال تعليق