تخرج مصطفي كامل في مدرسة الحقوق المصرية و الفرنسية عام 1894 م، و لكنه لم يترافع في أي قضية مدنية، بل وهب نفسه لخدمة استقلال مصر، و قبل أن يتخرج بعام كان قد انضم لصالون سليم باشا ، و هو أحد الصالونات الفكرية التي انتشرت في ذلك الوقت. و كان صالون سليم باشا يتبني أفكار العرابيين.
رأي مصطفي كامل أن ينسق أفكاره مع الخديوي عباس و يتفاهم معه بشأن الحركة الوطنية حتي لا يقع في مشكلة التناقض و الشقاق الذي حدث بين عرابي و توفيق.
كما كان يهدف إلي التنسيق مع السلطان العثماني نظراً لتبعية مصر لتركيا ، و في هذا الخصوص اقترح علي السلطان العثماني عام 1897 م أن يوافق علي جلاء الجيش العثماني عن بلاد اليونان مقابل جلاء الإنجليز عن مصر.
و رأي مصطفي كامل الاستفادة من اعتراض فرنسا علي بقاء إنجلترا في مصر ، فاتصل بالسياسيين و المثقفين في فرنسا و سافر عدة مرات إلي فرنسا يكتب في صحفها و يخطب في الاجتماعات العامة من أجل المطالبة بجلاء الإنجليز عن مصر.
قام مصطفي كامل بتكثيف نشاطه من أجل إيقاظ الوعي و تنمية الروح الوطنية و تبصير الناس بخطورة الإحتلال و جريمة التعاوم معه و الاستسلام له.و علي هذا قام بتأسيس جريدة اللواء الإسلامي عام 1900م لتطق باسم الجلاء ، و دعا إلي وضع الدستور ، و اعتمد أكثر علي الدولة العثمانية لمواجهة الإنجليز في إطار حركة الجامعة الإسلامية ، و تحقيقاً لذلك أصدر جريدة أسبوعية باسم العالم الإسلامي عام 1905 م .
و لكن الأيام حملت لمصطفي كامل ما لا يتوقع ، فالخديوي عباس وجد أنه لا يستطيع الاعتماد علي الفرنسيين لتخليص مصر من الإنجليز ، و كانت حادثة فاشودة أبرز دليل علي ذلك ، فالفرنسيون الذين أرادوا التوسع في مستعمراتهم في شرق أفريقيا عند النيل الأبيض لم يقدروا علي مواجهة الإنجليز و انسحبوا خائبين و تركوا مدينة فاشودة للسيطرة الإنجليزية .
فأدرك الخديوي عباس أن الفرنسيين الذين لم يقفوا ضد الإنجليز في فاشودة ، لن يحركوا اصبعاً لإخراج الإنجليز من مصر. و بالتالي تنكر الخديوي عباس للحركة الوطنية و مصطفي كامل و سلك طريق المهادنة مع المعتمد البريطاني جورست الذي خلف كرومر فيما عرف بسياسة الوفاق بين عباس و جورست (1907)
و كما أدرك الخديوي عدم قدرته علي الإعتماد علي الفرنسيين ، توصل مصطفي كامل لنفس النتيجة عندما أبرمت الدولتان العظمتان فرنسا و إنجلترا ما عرف بالوفاق الودي Entente Cardial في 8 أبريل 1904 م .و نص هذا الوفاق فيما يتعلق بمصر علي أن تلتزم إنجلترا بأن لا تعرقل احتلال فرنسا للمغرب في مقابل أن تلتزم فرنسا بعدم السعي لتغيير الحالة السياسية
في مصر ( أي الاحتلال الإنجليزي). و بذلك فقد مصطفي كامل أي أمل في مساندة فعلية من فرنسا لتحرير مصر.
0 comments:
إرسال تعليق