الثلاثاء، ٨ يناير ٢٠١٣

يوم أن كانت مصر شيعية



عندما جاء الفاطميون إلي مصر سنة 358 هج / 969 م ، عملوا علي نشر المذهب الشيعي علي الطريقة الإسماعيلية ، و هي الفرقة التي ينتمي إليها الفاطميون.
و كان أهل مصر في ذلك الوقت من المسلمين علي المذهب السني، و أكثرهم علي الطريقة الشافعية و المالكية. و لكنهم في ذلك الوقت كانوا معروفين بحب آل البيت، و ربما ذلك يرجع إلي قدوم عدد من آل البيت إلي مصر فراراً من الخلافة الأموية و العباسية التي بطشت بهم، و من هؤلاء السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، و السيدة سكينة ابنة الإمام الحسين.
كما أن المصريين كانوا قد ضجوا من حكم الأخشيديين و حكم الولاة العباسيين من قبلهم، و كانوا يتطلعون للتغيير. و هذا ما يفسر أن المصريين لم ظهروا أدني مقاومة عند دخول جوهر الصقلي بجيشه إلي مصر سنة 358 هج / 969 م.
عمل الفاطميون علي نشر المذهب الشيعي في مصر بالطرق السلمية و دون إجبار لأحد. و لكنهم استخدموا وسائل ذكية و مبتكرة لترغيب أهل مصر في المذهب الجديد. فإلي جانب تعيين معتنقي المذهب في مناصب الدولة، لجأ الفاطميون إلي استحداث احتفالات دينية لم تكن موجودة من قبل، و ربطها بمظاهر فرح و طقوس يغلب عليها البهجة و الاستمتاع، و ذلك لتحبيب الناس في المذهب الجديد. من تلك الاحتفالات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف و ليلة النصف من شعبان و عاشوراء و احتفالات شهر رمضان،  و ابتداع أكلات و أغاني مخصوصة لهذه الأعياد منها أكلات الكنافة و القطائف في شهر رمضان، و طبق العاشوراء في مولد عاشوراء، و أغنية وحوي يا وحوي التي يغنيها الأطفال و هم يخرجون بالفوانيس في ليالي رمضان.
و في مجال نشر دراسة المذهب الشيعي، أنشأ الفاطميون الجامع الأزهر سنة 972 م / 361 هج. و في عهد الخليفة الثاني العزيز بالله عيٌن فيه 35 فقيهاً منقطعين للدراسة و تعليم الناس مبادئ التشريع الشيعي. حتي أن بعض المصادر التاريخية ذكرت أن المصريين أقبلوا علي حلقات الدرس هذه إقبالاً شديداً بحيث أدي هذا إلي مقتل 11 رجلاً من شدة التزاحم.
و في عهد الخليفة الثالث الحاكم بأمر الله، ابتدع وظيفة جديدة تسمي داعي الدعاة، تأتي في مرتبة ثانية بعد قاضي القاضي. و كانت وظيفة داعي الدعاة هو رئاسة مجلس يتألف من 12 نقيباً وظيفتهم تولي شئون دعوة الناس للمذهب الشيعي في القاهرة و الأقاليم.
كما أنشأ الخليفة الحاكم دار الحكمة 1005 م / 395 هج و التي تعني بدراسة المذهب الشيعي دراسة متعمقة و تفصيلية علي الطريقة الإسماعيلية، و هي طريقة باطنية. بمعني أنها كانت تقوم علي شروح و تفسيرات للقرآن و السنة ليس بناءً علي ظاهر النص، و إنما تأويل النص أي استنباط معاني غير ظاهرة في النص و تفسيرها تفسيرات فلسفية و جدلية تتفق مع قواعد المذهب الشيعي.
و لم يتأت عهد الخليفة الخامس المستنصر إلا و أصبح المذهب الشيعي هو المذهب السائد في مصر، و تواري المذهب السني في مناطق قليلة من مصر.
و ظل الأمر كذلك حتي جاء صلاح الدين الأيوبي إلي مصر و أسقط الخلافة الفاطمية عام 1171 م، و قام بتحويل مصر إلي المذهب السني مرة أخري بعد أن أمضت قرنين من الزمان علي المذهب الشيعي.

0 comments:

إرسال تعليق