الاثنين، ٧ يناير ٢٠١٣

إلغاء الحماية البريطانية علي مصر في تصريح 28 فبراير 1922م

أرسلت الحكومة الإنجليزية لجنة برئاسة ملنر  Lord Milner لتقصي أسباب الثورة المصرية، و روج الإنجليز لفكرة الحكم الذاتي لمصر. و لكن سعد زغلول قاطع اللجنة، كما قاطعها كل أفراد الشعب، فكانت الإجابة الوحيدة التي صدرت من أي شخص هي ” أسأل سعد”.
وجد الإنجليز أنه لا مفر من مفاوضة سعد زغلول الذي ارتضاه الشعب زعيماً لهم. و خلال مفاوضات سعد- ملنر تمسك كل من الرجلين بموافقه، ففشلت المفاوضات ، كما فشلت المفاوضات التي جرت بين عدلي يكن و ملنر في أغسطس 1920م.
و صدرت توصيات لجنة ملنر برفع الحماية عن مصر و التفاوض علي استقلال مصر بمعاهدة تحمي مصالح بريطانيا في مصر.
و لكن الإنجليز فشلوا في التوصل إلي صيغة معاهدة مع الحكومة المصرية ، لأن عدلي يكن كان يخشي أن يقبل بما يرفضه سعد زغلول فيظهر بمظهر المتهاون في حقوق الاستقلال أمام الشعب. لذلك قام الإنجليز بالقبض علي سعد زغلول و نفوه إلي جزيرة سيشل. و عمت الإضرابات مرة أخري.
و بعد استقالة وزارة عدلي يكن، لم يقبل أي مصري أن يشكل وزارة، لأن قبول تشكيل وزارة يعني الموافقة علي التفاوض مع بريطانيا في الحصول علي استقلال منقوص يعد تفريطاً فيما أجمعت عليه القوي الوطنية بقيادة سعد زغلول. كما أن تشكيل الوزارة يعني إخراج إنجلترا من ورطتها في مصر، لأن إنجلترا كانت تخشي مع غياب حكومة مصرية تصاعد الإضرابات و التحول إلي عصيان مدني كامل من الشعب.
و الحقيقة التي تكشفت من وثائق الحكومة البريطانية في ذلك الوقت أن المندوب السامي البريطاني لورد اللينبي كان يري ضرورة إعلان إنجلترا إلغاء الحماية عن مصر، دون المطالبة بتحفظات أو ضمانات من الحكومة المصرية لحماية مصالح بريطانيا في مصر، لأن بريطانيا قادرة بالفعل علي حماية مصالحها. و كان يري أن إعلان استقلال مصر الكامل سيخلق مناخاً طيباً مع المصريين، يمكن استثماره للتوصل إلي معاهدة مع مصر تضمن مصالح بريطانيا في المنطقة.
قبلت الحكومة البريطانية آراء اللنبي، و قدم البريطانيون مزيد من التنازلات فكان تصريح 28 فبراير 1922م و إعلان استقلال مصر، و هو لم يكن علي شكل معاهدة لأنه لم يوجد في مصر من وافق علي التوقيع علي معاهدة معهم. و إنما جاء علي شكل تصريح، و ينص التصريح علي :
  1. إلغاء الحماية البريطانية علي مصر و الاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة
  2. إلغاء الأحكام العرفية
  3. تهيئة البلاد لحياة دستورية برلمانية عن طريق وضع دستور للبلاد و انتخاب أعضاء برلمان مزدوج ( اي بمجلسين).
و لكن مع تحفظات أربعة :
  1. تأمين المواصلات البريطانية في مصر
  2. الدفاع عن مصر ضد أي هجوم عليها
  3. حماية المصالح الأجنبية و حماية الأقليات
  4. السودان تستمر أوضاعه علي ماكانت عليه
و لقد رأي بعض الوطنيين أن هذا التصريح ما هو إلا استقلال مظهري لا يرقي إلي الاستقلال الذي يطمح إليه الشعب، في حين رأي البعض الآخر و منهم عبد الخالق ثروت أن التصريح خطوة علي طريق الاستقلال الكامل.
بعد إلغاء الحماية البريطانية عن مصر، أحتفل فؤاد الذي اتخذ لنفسه لقب جلالة الملك بإعلان استقلال مصر و أقيمت الاحتفالات في القاهرة و الأسكندرية و توافدت وفود الدول الأجنبية لتقديم التهاني بإعلان استقلال مصر.
و لكن الشعب قاطع هذه الاحتفالات لأنه لم ير الاستقلال كاملاً كما كان يطالب به و لأن سعد زغلول كان منفياً في ذلك الوقت هو و رفاقه في جزيرة سيشل بأمر من السلطات البريطانية و سكوت من الملك فؤاد.
و في 31 مارس 1923 م أُفرج عن سعد زغلول و رفاقه، فسافر إلي فرنسا. ثم سُمح له بالعودة إلي مصر فعاد في 18 سبتمبر 1923 م بعد صدور أول دستور مصري كما سنري.


0 comments:

إرسال تعليق