ورث فاروق عن ابيه كرهاً كبيراً للوفد و مصطفي النحاس، فسعي إلي تفتيت القاعدة الشعبية للوفد بالتدريج، و عمل علي استقطاب العمال و الطلبة الذين يشكلون أساس شعبية الوفد، كما ضغط علي الوفد لتفكيك فرق القمصان الزرقاء من الطلبة التي يستخدمها الوفد لتحريك القاعدة الشعبية لصالحه ضد القصر. و زادت المشاحنات بين الملك و رئيس وزرائه مصطفي النحاس في قضايا عديدة مثل تعيين رئيس الديوان الملكي التي انتهت بانتصار القصر في تعيين علي ماهر، و كذلك تحديد السن القانونية التي يتولي فيها فاروق عرش مصر بدون وصاية، فقد ضغط القصر علي تحديد سن الثامنة عشر، في حين أن النحاس أرادها واحد و عشرين. و لكن القصر مرة اخري انتصر بعد أن استصدر فتوي من الشيخ المراغي، شيخ الأزهر، بأن سن البلوغ هو 18 عاماً.
بلغت المواجهات بين رئيس الوزراء مصطفي النحاس و الملك فاروق ذروتها بعد تولي فاروق سدة الحكم بخمسة أشهر فأقدم علي إقالة وزارة مصطفي النحاس في 30 ديسمبر 1937 م معتمداً علي شعبيته الكبيرة التي كان يتمتع بها في الشارع المصري. و بالفعل تقبل الشعب الإقالة بهدوء، و غطت أخبار زواج الملك القادم علي توابع إقالة الوزارة.
تزوج الملك فاروق من صافيناز سعيد ذو الفقار و اقيم حفل الزفاف في 20 يناير 1938 و سميت بالملكة فريدة. و كانت تتمتع برقة متناهية و ثقافة و ذكاء عال فأحبها الشعب المصري و بارك هذه الزيجة التي يريدها لملكه الشاب.
بعد إقالة الملك لوزارة النحاس، تمكن فاروق من أن يوجه دفة الحكم عن طريق وزارات تخضع له و تنفذ مشيئته، فتتابعت الوزارات من 30 ديسمبر 1937 إلي 4 فبراير 1942م : محمد محمود ثلاث وزارات، وزارة لعلي ماهر ، وزارة لحسن صبري و وزاراتين لحسين سري.
شكل محمد محمود الوزارة برئاسته و تم حل البرلمان الوفدي، و أقيمت الانتخابات و تم تزييف النتائج بأمر ملكي لإقصاء الوفد.
تولي محمد محمود وزارة مصر بعد الانتخابات. و في تلك الوزارة ازداد تسلط الملك فاروق و زادت مضايقاته لرئيس وزرائه محمد محمود صاحب الشخصية القوية. كما بدأ الملك في استقطاب أصحاب القمصان الخضراء و هو حزب مصر الفتاة برئاسة أحمد حسين و الذي كان يجتذب الشباب الذي أراد التغيير و الخروج من حلة الأحزاب التقليدية و السياسيين القدامي.
وجد الملك في حزب مصر الفتاة منافس مستقبلي لحزب الوفد فعين كامل البنداري من هذا الحزب وكيلاً للديوان. كما عمل علي استقطاب جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تأخذ موفقاً معادياً للوفد.
استمرت المشاحنات بين الملك و رئيس وزرائه حتي أرسل الملك لرئيس وزرائه خطاب استقالة حكومته في 12 أغسطس و تقدم بها محمد محمود في 18 أغسطس 1939م.
كلف فاروق علي ماهر بتشكيل الوزارة، و لكن الوزارة لم تكن متعاونة مع الإنجليز في الحرب العالمية الثانية، و اتخذت موقفاً متشدداً بضرورة وقوف مصر علي الحياد في الحرب، و خاصةً مع توالي انتصارات المحور المدوية في ذلك الوقت، و استيلاء الألمان علي الترويج و سقوط فرنسا. و لكن الإنجليز ضغطوا بشدة لتغيير الوزارة لدرجة تهديدهم بخلع فاروق عن العرش، فاضطر علي ماهر للاستقالة في يونية 1940م .
فكلف فاروق حسن صبري بتشكيل الوزراة التي جمعت مختلف الأحزاب ما عدا الوفد. و لكن رئيس الوزراء توفي بصورة مفاجئة و هو يلقي خطبة العرش، فخلفه حسين سري في 15 نوفمبر 1940م.
كانت وزارة حسين سري موالية للإنجليز، فعمل فاروق علي أن يصور نفسه أمام الشعب علي أنه الوطني المتضامن مع الشعب في آماله في التحرر و المناوئ للإنجليز، كما عمل علي أن يصور وزارة حسين سري علي أنها متواطئة مع الإنجليز و متسببة في أزمة الغلاء التي حدثت بسبب قيام الحرب العالمية الثانية و قيام مصر بتموين جيش الحلفاء بالمحاصيل الزراعية مما أدي إلي ارتفاع اسعارها و حدوث أزمة تموينية شديدة.
و لقد حدثت مظاهرات بالفعل في الجامعة و في الأزهر تهتف للملك و لدول المحور مثل “نحن جنودك يا رومل ، إلي الأمام يا رومل ، يحيا فاروق ، فاروق فوق رأسك يا جورج، يسقط الإنجليز”
طلب رئيس الوزراء من فاروق وقف المظاهرات، و لكن فاروق لم يفعل شيئاً، فتقدم حسين سري باستقالته في 2 فبراير 1942م . و ذكر حسين سري للمندوب السامي أن فاروق شخصية انفصامية.
0 comments:
إرسال تعليق