الأحد، ٦ يناير ٢٠١٣

هوجة عرابي 1881م

و كانت القشة التي قسمت ظهر البعير هي نقل الأميرالاي عبد العال حلمي قائد آلاي طرة إلي ديوان الحربية، و تعيين أحد الأتراك الشراكسة مكانه. و علي أثر ذلك تجمع الضباط المصريون في منزل أحمد عرابي في 16 يناير 1881 م لمناقشة عزل الأميرالاي و احوالهم المتدنية في الجيش. و أسفر الاجتماع عن تزعم أحمد عرابي لحركة الضباط و كتبوا عريضة تطالب رئيس الوزارة رياض باشا بعزل الوزير التركي عثمان رفقي و تعيين مصري مكانه.
و علي العكس قامت الحكومة باعتقال أحمد عرابي و زميليه علي فهمي و عبد العال حلمي و قدمتهم للمحاكمة العسكرية
فقام زملاء الضباط الثلاثة بالخروج علي رأس فرقهم العسكرية و حاصروا مقر المحاكمة العسكرية في قصر النيل ، فهربت اللجنة العسكرية و خرج الضباط الثلاثة إلي ميدان عابدين لمقابلة الخديوي ، و أمام التجمهر في عابدين اضطر الخديو إلي عزل عثمان رفقي و تعيين المصري محمود سامي البارودي وزيراً للحربية في 1 فبراير 1881.
عرابي أمام قصر عابدين
و بعد أن رأوا قدرتهم علي التأثير بدأ الضباط في تقديم مطالب تتعلق بأحوالهم في الجيش تتلخص في:
- صرف بدل نقدي عن التغذية و الملابس و زيادة المتبات عامة.
- عدم استقطاع مرتباتهم مدة الأجازات
- أن يدفع العسكريون نصف أجرة بالسكة الحديدية
و تم الاستجابة لمعظم هذه الطلبات و لكن الضباط شعروا أن توفيق يدبر ضدهم المكائد، و قاموا بتقديم مطالب جديدة تتعلق بزيادة عدد الجيش إلي ثمانية عشر ألفاً و إنشاء حصون جديدة و تكوين مجلس نواب تكون الوزارة مسئولة أمامه.
و حاول الخديو تحجيم نفوذهم بارسالهم إلي السودان لإخماد ثورة المهدي ، و لكنهم رفضوا الذهاب ، كما رفضوا المشاركة في حفر الرياح التوفيقي اعتقاداً منهم أن الغرض هو جمع السلاح من أيديهم.
الزعيم أحمد عرابي
و تسببت حادثة مقتل أحد الجنود المصريين عندما صدمته سيارة يقودها أجنبي إلي زيادة التوتر و تصاعد الأحداث ، فقد قام الجنود بحمل القتيل إلي سراي عابدين ، و استاء الخديو من هذا المسلك ، فحوكم المشاركون في المظاهرة و تم نفيهم للسودان. و عندما أخذ البارودي جانب الجيش و اعترض علي محاكمة الجنود ، لم يقبل الخديو اعتراضه،  فقدم البارودي استقالته.
و اتفق عرابي مع زملائه علي حشد الجيش لمواجهة الخديو في ميدان عابدين في 9 سبتمبر 1881 م ، و في اليوم المحدد و في ميدان عابدين رفع عرابي مطالب الجيش و الأمة و هي :
1. عزل رياض باشا رئيس الوزراء
2. تشكيل مجلس نواب
3. زيادة عدد الجيش إلي 18 ألف جندي
و بناء علي نصيحة القنصلين الإنجليزي و الفرنسي ، استجاب الخديوي توفيق للمطالب و قام بعزل رياض باشا و عين مكانه شريف باشا المحبوب من الشعب و المناصر للدستور و المجلس النواب.
و بالفعل قام شريف باشا بتشكيل الوزارة و عين البارودي وزيراً للحربية و مصطفي فهمي وزيراً للخارجية.
كما تقدم ألف و ستمائة من الأعيان بتقديم مذكرة لإنشاء مجلس نواب علي غرار مجالس أوروبا ، و بالفعل تم انتخاب نواب المجلس و افتتح المجلس النيابي يوم 26 ديسمبر 1881 م .
و كان نشاط الوطنيين في مصر و تشكيل مجلس النواب بمطالبة شعبية تنذر بالمخاطر علي مصالح الإنجليز و الفرنسيين في مصر و المنطقة بأكملها ، لأن نشاط الوطنيين و المجلس النيابي سيضعف سلطة الخديوي المهادن للإنجليز و سيزيد الوعي السياسي العام للشعب و يؤدي في النهاية إلي فتح ملفات وطنية مهمة مثل التدخل الأجنبي السافر في البلاد المتمثل في الرقابة الثنائية و صندوق الدين ، كما سيفتح ملف قناة السويس و أحقية مصر بامتلاكها و إدارتها.
لذلك رأت إنجلترا أن قناة السويس قد جعلت مصر من الأهمية بمكان لأن تتولي انجلترا إدارتها بنفسها و ليس عن طريق وسطاء مثل الخديوي أو القناصل أو المؤسسات المالية الدائنة.
و بدأت انجلترا ترتب خطوات احتلال مصر .



0 comments:

إرسال تعليق