كان الخديوي عباس متفاهماً مع جورست المعتمد البريطاني الجديد حتي سمي وفاق عباس جورست، و قام الإثنان بتبادل المنافع، فقام جورست بمساعدة الخديوي علي شراء أملاك الحكومة في مريوط بثمن زهيد، و في المقابل وافق الخديوي علي منح امتياز خطوط السكك الحديدية لشركة إنجليزية.
و لكن جورست كان مختلفاً عن كرومر من حيث تخفيف الرقابة علي تصرفات الخديوي، و توسيع سلطات مجلس النظار، و إطلاق يد المصريين في إدارة شئون بلادهم إلي حد ما، و تمصير الإدارة تدريجياً و إيقاف سياسة الجلنزة ( طبع الإدارة المصرية بالطابع الإنجليزي).
و كانت الحركة الوطنية بقيادة محمد فريد هي أكثر المتضررين من الوفاق بين الخديوي و الإنجليز، لأن ذلك لم يعط فرصة لمناقشة فكرة جلاء الإنجليز عن مصر. فلجأ محمد فريد إلي وسائل آخري لزيادة الوعي لدي الشعب، فعمل علي توسيع دائرة نشاط الحزب الوطني بحيث لا تقتصر عضويته علي المثقفين من أبناء المدن، بل إنه عمل علي ضم النقابات العمالية إلي الحزب، كما أسهم في تكوين نقابة عمال الصنائع اليدوية عام 1909م ، كما عمل علي تثقيف عامة الشعب و تعليمهم في مدارس ليلية.
و لكن جورست المهادن مات في 1911م، و خلفه كتشنر الذي أعاد سياسة القبضة الحديدية و الحكم المطلق، فعادت سياسة الجلنزة و مطاردة الوطنيين.
و حدث أن كتب محمد فريد مقدمة لديوان شعر بعنوان “وطنيتي” للشيخ علي الغاياتي فقدم للمحاكمة بسبب العبارات الوطنية الواردة في المقدمة و سجن محمد فريد لمدة 6 أشهر.
و أخذت السلطات الإنجليزية تتعقبه في كل تحركاته، و اعتقلته مرة أخري عام 1912م، فآثر محمد فريد الخروج من مصر في 26 مارس 1912م ليواصل نضاله ضد الحتلال البريطاني في المحافل الأوربية إلي أن مات في برلين في خريف 1919م.
0 comments:
إرسال تعليق