بعد دخول الجيش الانجليزي لمصر، قام الإنجليز بحل الجيش المصري و تشكيل جيش جديد تحت إشراف إنجليزي.
و قام اللورد دافرين Duffrin ، سفير انجلترا بالآستانة، بوضع خطوط الإدارة الإنجليزية لمصر و عرفت بالقانون الأساسي لعام 1883 م، و كانت تتلخص فيما يأتي:
- ألا تتولي انجلترا حكم مصر مباشرة، بل تبقي السلطة في يد الخديوي ووزرائه تحت إشراف الإنجليز.
- استمرار تبعية مصر الأسمية للسلطان العثماني
- العمل علي طبع الإدارة المصرية بالطابع الإنجليزي، و هو ما عرف بسياسة الجلنزة.
- إلغاء بعض الإدارات ذات الطابع الدولي و في مقدمتها نظام الرقابة الثنائية ، مما أغضب الفرنسيين و ظلوا في حالة عداء حتي تم توقيع وفاق بينهما عام 1904 م .
- إلغاء مجلس النواب و إقامة مجلس صورى عرف بمجلس شوري القوانين، و جمعية عمومية صورية، و مجالس مديريات تضم الأعيان بصفة رئيسية. و كانت كلها مجالس استشارية و ليست نيابية كما في أوروبا.
و تم تعيين اللورد كرومر (سير إفلين بارينج) أول معتمد بريطاني في مصر في 11 سبتمبر 1883 م
في عهد الاحتلال الإنجليزي، أصبح الاقتصاد المصري مرتكز علي الزراعة التي أهتم بها الإنجليز لتوفير المواد الخام للمصانع الإنجليزية، فقاموا بتحسين نظام الري و الصرف و استكمال شق القنوات و إصلاح القناطر الخيرية و إنشاء خزان أسوان و أقيمت قناطرة اخري علي النيل في أسيوط و إسنا و زفتي. و علي هذا زادت مساحة الأراضي المزروعة و زاد الإنتاج الزراعي.
في نفس الوقت تدهورت الصناعة الوطنية، و هذا التدهور لم يبدأ مع الاحتلال الإنجليزي، و إنما بدأ مع انهيار نظام الاحتكار الذي أقامه محمد علي، و دخول المنتج الأجنبي مصر في ظل حماية الامتيازات الأجنبية في عهد سعيد و اسماعيل. أما في عهد الاحتلال فقد تم فرض رسوم ضريبية علي المنتجات الوطنية مما جعلها غير قادرة علي المنافسة مع البضائع الأجنبية المستوردة.
و أمام هذه المنافسة غير المتكافئة و عجز الحكومة عن حماية الصناعة المحلية، قامت الحكومة ببيع ما تملكه من مغازل القطن و معامل النسيج و إغلاق مصانع المدافع و الذخيرة و أصبحت تعتمد في تمويل مهمات الجيش المصري علي الشراء من إنجلترا.
أما الاستثمارات الأجنبية التي دخلت السوق المصرية بعد فتحها علي مصرعيها، فقد تركزت في المجال الزراعي دون الصناعي المحكوم عليه بعدم القدرة علي المنافسة مع المنتج الأجنبي. و في مطلق القرن العشرين بلغ رأس مال الشركات الأجنبية المساهمة في مصر 45 مليون جنيه، 4 ملايين منهم فقط في الصناعة.
أما في مجال التجارة، فنظراً لغياب المنتج المصري، انتشرت الوكالات التجارية الأجنبية التي تلعب دور الوسيط في بيع المنتج الأجنبي من المورد الأوربي للتجار في مصر. و تم استثمار ارباح التجارة في مجال البنوك و شركات الرهونات. و في خلال الفترة من 1900 إلي 1907م أنشئت في مصر أكثر من 160 شركة و بنك تعمل جميعها في دائرة البنوك و استصلاح الأراضي و استغلالها و تسليف الفلاحين، و بلغت نسبة الأجانب في هذه المشروعات 93 %.
و من أبرز هذه المشروعات و أخطرها علي الاقتصاد المصري إنشاء البنك الأهلي في يونية 1898 م ، و هو مشروع إنجليزي لاحتكار إصدار الأوراق المالية المصرية و كافة الأعمال المصرفية ، مما أدي إلي ارتباط العملة المصرية بالعملة الإنجليزية، بحيث كانت أي هزة في العملة الإنجليزية تؤثر علي العملة المصرية.
كما وقع الفلاحون في قبضة بنوك التسليف، و عندما كان الفلاحون يعجزون عن سداد الديون، كان الدائنون يسارعون بالاستيلاء علي الأراضي الزراعية وفاءً للديون طبقاً لقوانين الامتيازات الأجنبية فييما عرف بالبيوع الجبرية أي الفلاح مجبر علي البيع للوفاء بدينه. و قد بلغت البيوع الجبرية حداً هدد بتسرب الأرض الزراعية في مصر من يد المصريين إلي الأجانب حتي تدخلت الحكومة المصرية في الثلاثينات من القرن العشرين لوقف هذه البيوع.
أما في التعليم، فقد أصبح بمصروفات عالية بعد أن كان بالمجان مما حصره في فئة قليلة ، حتي بلغت نسبة الأمية في العشرينات من القرن العشرين 92 % بين الذكور و 97% بين الإناث. حتي جاء مصطفي كامل الذي أحدث تغييراً كبيراً في هيكل التعليم المصري لينشره في كل فئات الشعب.
و بعد احتلال مصر ظهرت حركات وطنية تهدف لإنهاء الاحتلال و اتخذت طرقاً عدة ، فقامت جمعية سرية باسم جمعية الانتقام تهدف إلي تحرير الوطن باغتيال الإنجليز، و لكن مالبث أن قضي علي أفرادها في وقت قصير .
كما تأسست جريدة العروة الوثقي علي يد جمال الدين الإفغاني و الشيخ محمد عبده لمهاجمة الاحتلال، كما تأسست جريدة المؤيد في إطار الجامعة الإسلامية.
و في مستهل عام 1892م توفي الخديوي توفيق علي نحو مفاجئ، و تولي ابنه الشاب الصغير عباس حلمي الثاني عرش مصر.
0 comments:
إرسال تعليق