بعد خروج الحملة الفرنسية من مصر حدث تنازع علي السلطة في البلاد بين ثلاث قوي و هي الدولة العثمانية و الإنجليز الذين نزلوا علي شواطئ مصر و الأمراء المماليك.
قامت الدولة العثمانية بتعيين محمد خسرو باشا والياً علي مصر من قبل السلطان العثماني. غير أن المماليك أثاروا الاضطرابات و القلاقل في الصعيد فقد كانوا يطمعون في استقلال مصر عن الدولة العثمانية و انفرادهم بحكمها. لذلك طلب الوالي محمد خسرو من قائد الفرقة الألبانية محمد علي التوجه للصعيد للقضاء علي اضطرابات المماليك. إلا أن محمد علي ماطل في الذهاب و طالب خسرو باشا بدفع رواتب الجند المتأخرة قبل التوجه لمحاربة المماليك. فلما عجز خسرو عن دفع الرواتب، تمرد الجنود و هاجموا قلعة الوالي حتي أضطر إلي الفرار إلي دمياط.
خلف خسرو باشا طاهر باشا في ولاية مصر، و لكنه لم يستمر طويلاً فقد هاجمته فرق الأتراك الإنكشارية و قتلوه لأنه كان يحابي فرق الألبان عليهم، و قاموا بتعيين أحمد باشا والياً خلفاً لطاهر باشا. و لكن محمد علي قائد فرق الألبان تحالف مع المماليك لإقصاء أحمد باشا عن الحكم حتي أنه لم يمض إلا يوماً واحداً في الحكم.
عين السلطان العثماني علي باشا الجزايرلي والياً علي مصر خلفاً لأحمد باشا. و حاول أن يؤلف قوة وطنية مصرية تناهض قوة المماليك. و لكن لسوء حظه وقعت إحدي مراسلاته مع الشيخ السادات في يد أمير المماليك عثمان البرديسي، فدبر مؤامرة لقتله قبل أن يتولي حكم مصر في يناير 1804 م.
و بمقتل علي باشا الجزايرلي أصبحت الزعامة السياسية خالية سوي من محمد علي قائد الألبان و محمد بك الألفي أمير المماليك، في الوقت الذي يبدو فيه السلطان العثماني عاجزاً عن إعادة مصر لسلطانه، و تربص الإنجليز الذين يريدون أن يسيطروا علي مصر لتأمين مصالحهم الإقتصادية في المنطقة.
و لدق آخر مسمار في نعش التبعية للخلافة العثمانية و هيمنة المماليك، لجأ محمد علي إلي قوة خفية لم تكن ظاهرة كلاعب أساسي علي مسرح الأحداث، و لكن محمد علي استشعرها و قدر قوتها الكامنة و استخدمها بذكاء شديد للوصول إلي الحكم ، ألا و هي قوة الشعب.
0 comments:
إرسال تعليق