أعمال صلاح الدين في مصر
اهتم صلاح الدين بتحصين القاهرة و الموانئ البحرية لصد هجمات الصلبيبيين ،وولي بهاء الدين قراقوش وزارة مصر فقام بتنفيذ خططه بكل همة و نشاط . ففي القاهرة أعاد بناء السور المحيط بها عام 1176م، و كان جوهر الصقلي قد بناه من طوب نيئ أو لبن، ثم رممه بدر الجمالي وزاد فيه، إلا أنه في آخر أيام الفاطميين تهدم أكثره و أصبح يمكن عبوره من اي مكان. و كان سور القاهرة عبارة عن سورين سور حول القاهرة التي كانت مقر الخليفة الفاطمي و قواده و سور حول الفسطاط التي كانت تسمي مصر و يسكنها الأهالي. فرأي صلاح الدين أن ينشأ سور يدور حول القاهرة و الفسطاط و القطائع و العسكر ليدمج القاهرة و العواصم التي سبقتها بعضها في بعض لتصبح القاهرة الجديدة عاصمة دولته.
لذلك يعتبر صلاح الدين هو منشئ القاهرة الحالية فقد جعل منها مدينة واحدة بعد ان كانت 4 مدن متلاصقة. و بعد أن كانت قاهرة الفاطميين مقصورة علي سكني الخلفاء الفاطميين و حاشيتهم شجع صلاح الدين أفراد الشعب علي سكني القاهرة.
كما شرع صلاح الدين في بناء قلعة حصينة فوق جبل المقطم ليتخذها مقراً للحكم و سميت قلعة الجبل، و لكنه لم يسكن فيها لأنه لم يتم بناءها إلا في عهد السلطان الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب ، و هو ابن أخ صلاح الدين و الذي حكم مصر في الفترة من 1218 و 1238 م. و لم تكن القلعة معروفة لدي المصريين في ذلك الوقت فقد أخذ صلاح الدين الفكرة من قلاع الصليبيين في الشام و فلسطين. و ظلت القلعة هي دار الملك في جميع العهود التالية حتي عهد محمد علي.
كما بني صلاح الدين شمال القاهرة برجاً هائلاً عرف بقلعة المقس ( الماكس) أي جابي الضرائب أو قلعة قراقوش.
و اهتم صلاح الدين بعمل مراكز محصنة أو نقط حراسة في شبه جزيرة سيناء لأنها طريق عبور الصليبيين لدخول مصر من الشرق. فأمر بانشاء سلسلة من القلاع أهمها قلعة صدر في قلب سيناء شرقي السويس و لاتزال آثارها موجودة إلي الآن.
أنشأ صلاح الدين العديد من المدارس ، منها المدرسة الصلاحية سنة 1176 م و انشأ بجوارها ضريحاً للإمام الشافعي .
ضم الشام إلي سلطان صلاح الدين
في مايو 1174 م / 569 هج توفي نور الدين محمود زنكي و دفن بجامع الكلاسة في دمشق، و خلفه ولده الصالح اسماعيل الذي كان يبلغ من العمر 11 سنة. و كانت هذه الظروف تعد مواتية ليقوم صلاح الدين بضم الشام إلي سلطنته . إلا أن اموري ملك بيت المقدس سبقه في عقد حلف مع مندوب الصالح اسماعيل ضده. و لكن قبل تحرك جيش أموري ضد صلاح الدين مات أموري متأثراً بمرض الدوسنتاريا.
و مع هذا الفراغ السياسي علي الجانبين الزنكي و الصليبي أقدم صلاح الدين علي خطوة حاسمة و لبي دعوة مجموعة من الأمراء في الشام لتخليصهم من الصالح اسماعيل الخائن الذي كان يتعاون مع الصليبيين.
و في أكتوبر 1174 م دخل صلاح الدين دمشق التي استقبلته بترحاب و هرب الصالح إسماعيل الولد الصغير إلي البيرة ، و استولي صلاح الدين علي حمص و حماه و حاصر حلب. لكنه وافق علي طلب الصلح من الملك الصالح اسماعيل علي أن يحتفظ كل بما لديه ، دمشق و حمص و حماه مع صلاح الدين و حلب مع الصالح اسماعيل. كما استولي علي الموصل بعد أن هزم حاكمها سيف الدين غازي.
و في 1181 م مات الصالح اسماعيل، و خلفه عماد الدين الذي تنازل عن حلب لصلاح الدين مقابل سنجار و هي مدينة في الجزيرة. و بذلك استطاع صلاح الدين أن يبسط نفوذه علي كل بقاع الشام و يحاصر الإمارات الصليبيية من كل جانب و اصبح مستعداً للقيام بالهجوم الكبير ضد الصليبيين.
و بذلك نري أن صلاح الدين استطاع في خلال عشر سنوات من 1171 م إلي 1181 م أن يسقط الخلافة الفاطمية في مصر و يرثها و يرث الدولة الأتابكية التي انشأها عماد الدين زنكي في الشام. و لقد وافقه القدر في هذا بوفاة الخليفة العاضد و عماد الدين زنكي ونور الدين محمود و أموري ملك بيت المقدس جميعاً، مما أحدث فراغاَ سياسياُ كبيراً استطاع صلاح الدين إن يملأه و يوحد مصر و الشام ضد الصليبيين كما أراد
0 comments:
إرسال تعليق